الاثنين، 13 أغسطس 2012

عمَّا قليل ، في يوم الإثنين القادم في عامٍ ما ، سيحدث أن يجلسان هكذا - I

يوم الإثنين القادم في عامٍ ما ، سيجلسان معًا ، سويًا ، وحدهما ، مرة أخرى .

جال بخاطره أنه لم يكن ليوم الإثنين تحديدًا أية ذكرى استثنائية لهما معًا ..
"يوم الإثنين" ..
هذه التركيبة اللغوية معدومة الخبر لم تُذكر في أي حديثٍ عابر بينهما من قبل ..
ليست مثل :
"دعيني أغيّر ماء مزهريتكِ"
أو "أريدكَ عندي"
أو "مش بحب القهوة"
أو " نفسك في إيه؟ "
يا الله !
يوم الإثنين ، سامحنا ؛ كم ظلمناك .

يومُ الإثنين تحديدًا ، كما العدد ..
عددهما ، كما اعتاد أن يرهما الآخرون ، يرونهما ضعف عددهما الأصلي ..
هي و هو واحدٌ ، لا إثنين ..
لا بأس ؛ مزيدٌ من المكر لن يضر ..
لا شيء يضر أصلاً .

يوم الإثنين تحديدًا ؛ لأنه يائس ..
أخبرته ساحرة فودو من الرأس الأخضر أن سيجالسها في يوم إثنين ، وقاريء كف هندي كذلك ..
اليائسُ يتابع الأبراج ، يؤمن بالخرافات ، يفتّش في الأساطير ..
اليائسُ يصدق أي شيء .

يوم الإثنين تحديدًا ؛ لأنها يائسة ..
قامرتْ بكلِّ ما ملكتْ على لا شيء ، وخسرت ..
الخاسر يائس ..
واليائس لا تهمه الأيام  ، لا يعدها أو يفرق بينها ..
يوم الإثنين ، كغيره .

"يوم الإثنين إجازة الحلاقين"
سيخبرها بهذا مداعبًا ..
ستضحك ضحكة فاترة ؛ لأنها نسيتْ كيف تضحك ..
وسيضحك ضحكة فاترة ؛ لأنه يعلم أنهما يكذبان .

---------------

 لطفًا ، اضغط هنا 


سيلقاها مصادفة ..
سينتهي من عمله الصباحي في الظهيرة مُنهَك ومُنتهَك ..
يتوقف بالسيارة على جانب من الطريق ..
يدخل "سوبر ماركت" ليشتري لنفسه زجاجة مياة ، وعصير خوخ ، وقطعة شوكولاتة ..
وبعض قطع الحلوى ؛ يوزعها على أطفال لا يعرفهم ..
ما إن يدخل حتى تضربه قشعريرة ، تسري في بدنه رجفة ما نسيها منذ زمن ..
تلك الرائحة يعرفها جيدًا ..
هذا اللهيب زُفِرَ من قبل على رقبته وكتفيه ..
شيء ما يحدث هنا .
سيطرد كل هذه الأفكار من ذهنه ، كما اعتاد أن يفعل ، ويتابع تسوقه ..
إلى أن يلقاها جليّة متجليّة أمام رفّ الشوكولاتة ..
يتسمّر في مكانه .


ستلقاه مصادفة ..
ستملّ من عملها ، فتتركه ، وتتجه بخطوات سريعة نحو اللا شيء ..
لا شيء ينتظرها ، لا شيء تنتظره ..
لا شيء ..
قد وصلتْ إلى حد التلاشي منذ زمن ..
تجد "سوبر ماركت" تدخله لتشتري لنفسها زجاجة مياة ، وعصير خوخ ، وقطعة شوكولاتة ..
ولا شيء للآخرين ..
لا يوجد آخرون أصلاً .
تمتد يدُها للوح شوكولاتة ، وتقع عيناها على آخر في ورقة بيضاء ..
تتذكره ..
تغمض عينيها ، وتهمس بطلاسم ..
تفتحهما وتتلفت حولها ، لتجده متسمّرًا في مكانه يتطلع إليها .

---------------

قبل سنوات ، شرُدَ ذهنُه لوهلة وهو معها ..
سألته عمَّا به ..
أجاب : أخشى أن نفترق ، ونلتقي بعد حين في آخر الزمان ، فلا تعرفيني ، أو تتصنعين ذلك ، ستفعلين ؟
ضربته بخِفّة على يده ؛ ابتسم ، سكتتْ ، ثم بكتْ .

والآن ، ماذا ؟!

الخميس، 15 مارس 2012

مسٌّ ، عسيرُ عليها فهمه



رسائل .. رسائل .. رسائل ..
ثم ؟!

**********

ماتَ ساعي البريد
"دُهس في حادث سير أثناء عمله"
إشارة : ذلك الساعي لم يتلقَ رسالةً قط طوال عمره

اختفتْ طوابعي/ ــكِ المفضلة
"الذي يقيّد على مصطفى مشرفة ، والذي يؤطِّر رأس نيفرتيتي ، والغارق في قناة السويس"

رُفِعتْ عني الأقلام
"تخافُ مني ، ربما ... تُشفق عليّ/عليكِ ، لا أعلم"

فقدتُ إبهامي
"كيف؟ لا أذكر ، فقط استيقظتُ صباح يومٍ ولم أجده"

**********

رسائلي القديمة ؟!
لا بأسَ بها ..
أحتفظُ يها لا زلتُ ..
بل ومستمر في الكتابة ..
كلُّ ما هنالك أنِّي صرتُ أجمعها لألقيها في أقرب سلة مهملات ، أو أسلمها لأول عامل نظافة عابر ..


إبهامي ، والأقلام ، والطوابع ؟!
لا ، لا ..
دعْ كلَّ تلك السخافات التقليدية جانبًا ..
رسائلي الآتية أكتبها بما تبقى من دمي ..
لن ينشغل عامل النظافة بمحتوى سلة المهملات ..
لا يهمه إن كانت رسائل ، إليها ، إليّ ، أو حتى قذارة قط أليف ..
لن تزعجه معرفة إن كانت الرسائل قد كُتبتْ بحبّات الرمّان أو زخّات الدم ..
فعامل النظافة لا يهتم إلا بتنظيف الأوساخ .

**********

يا عزيزة ..

كم أخبرتُكِ بخيالات عدة
"أنتِ التي كنتِ ترينها كذلك ، لا أنا"

كلها يا عزيزة ، كلها حقيقية ..
لأدركتِ ذلك ، فقط ، لو امتلكتِ يومًا بصيرةً

أخبرتكِ كثيرًا - تلميحًا وتصريحًا - أنكِ أنا ..
ما يمسُّكِ يمسُّني ..
ولو كنتِ على الضفّة الأخرى


يدقُ منبهكِ ؛ فاستيقظُ

تفرّشين أسنانكِ ؛ فأرسل إليكِ هاتفًا بأني أحبُ معجون التفاح أكثر من النعناع الذي استخدمتيه للتو

تأكلين ؛ فأشبع

يشربُ الكناري الصغير من يدكِ ، فيرتوي ويُقبّل كفّكِ ؛ فتدغدغني كفّي
"أخبرتكِ من قَبل أن هذا الموضع بالذات من الكفِّ يدغدغني"

تحزنين ؛ فتسيلُ - فجأة - دموعي


يا عزيزة ..
كلُّ حركاتكِ وسكناتكِ تصلني قبل أن تأتين بها ..
فاذكريني ، أذكركِ ..
ناديني ، أحبو نحوكِ ..
وأنا معكِ أينما كنتِ .

**********

لا أعلم لماذا تأخر عاملُ النظافة إلى الآن ؟!