الأربعاء، 31 أغسطس 2011

يوسف الذي يبكي


خدعوك دائمًا ..
صرتَ تميّز الشرير بجسده الضخم ، أنيابه البارزة ، شعره الفوضوي ، ملابسه الرثّة ..
تعرفه بأنه بذئ اللسان ، أجش الصوت ، منحرف الذوق ، يدخن بشراهه ، لا يتحرّج أن يسعل ويبصق أمامك دون أدنى سبب منطقي ، لا ينغلق جناحيه على أي مشاعر رقيقة ، وربما لديه رِجل مسلوخة .
كنتُ اشاهد معك تلك الأفلام الأفّاقة ، بل وكنت أمسح وجهي في كل مرة يبصق فيها ذلك الشرير ، وأكره تلك الهالة التي أحاطوه بها .

صديقي ..
الشرير شخص مثلك تمامًا ..
ربما كان يدخن بشراهة ، لكنه أنيق ، بسّام ، هادئ الطباع ، مألوف القسمات ، يغسل أسنانه بالمعجون ، ولديه عطر لا يجازف بتغييره ..
يمكنك أن تُضيف أنه يذهب إلى نفس الكلية التي تذهب إليها ، يعشق فيروز ، يكره الشمس ، ولا يسير إلا ومعه حقيبته على كتفه ..

الشرير يرقّ قلبه إن رأى طفلاً يبكى .


=======

مذ كنت صغيرًا ولديّ أمل أن اسنيقظ ذات يوم أجد أنه قد تم إلغاء فترة الظهيرة من اليوم ..
أكره الشمس حقًا ..
ولمن قال أن المناخ المصري حار جاف صيفًا معتدل ممطر شتاءًا عدة صفحات في دفتر رغباتي الشريرة ..
أفقد أعصابي لأتفه الأسباب ، وأصير أكثر عدائية من دُبّ قطبيّ جائع .

عائدًا من الامتحان الشفوي مرتديًا البذلة والحذاء الجلدي اللعينيْن ..
وسيأتي يومٌ - لا ريب - أنكّل فيه بمن أوجب ارتداء البذلة في الامتحان الشفوي ..
أنزل محطتي أخيرًا بعد انتظار 13 محطة كاملة ..
أسير في الزحام فيكاد يبتلعني ..
أصوات الباعة تنخر في تلافيف مخي وتزيد من توتري ..
الآن ، أنا على استعداد تام أن أقتلع مقلتي أي كائن حي يعترض طريقي .

أمامي كانت تسير هي ، وطفلها ممسكًا بيدها يبكي .

=======

ما إن تراه حتى تحبه ..
تود لو تأكل وجنتيه ، تطوحّه في السماء و تلتقفه .. أو بالأحرى يلتقفك هو بعد أن يطوف بروحك في سماء ذهبية ..
طفلٌ مميزٌ بلا شك ..
تميّزه أكثر طريقة بكائه .. كان يبكي بلا صوت .

كان يسير أمامي ..
أبطأت الخطى ، أريد فقط أن أعرف لماذا يبكي ، وأريده أولا أن يكفّ عن البكاء أو حتى يصرخ ، أما ما يفعله هذا كان يجعل روحي تنقبض في كل مرة يستدير برأسه نحوي .

استقل مع أمه ذات العربة التي استقليتها ، وجلسا بجواري .
تطلب منه أمه أن يكفّ عن البكاء ، فلا ينظر إليها ، ويدير رأسه نحوي ..
بعد قليل صار أكثر هدوءًا ، مددت يدي نحوه و سألته :

- اسمك إيه ؟
- يوسف
- وبتعيط ليه بقة يا أستاذ يوسف
- ماما مش راضية تجيبلي الكوتش اللي أنا عايزه

وهنا تدخلت أمه :

- مش أنا جبتلك صندل أهو .. شايف جميل إزاي
- بس أنا عندي صندل ، وأنا عايز ألبس كوتش

ها هو الآن يتحدث مع أمه ، فأنسحب أنا :

- الصندل أحسن من الكوتش
- أنا عايز كوتش ، ومش هلبس الصندل دة
- المفروض في الصيف الناس كلها تلبس صنادل
- بس أنا عمري ما لبست كوتش ، كل مرة بتجيبيلي صندل ، وكل صحابي في المدرسة بيلبسوا كوتش وأنا بس اللي بلبس صندل ، وبيتريقوا عليا ، و ..

فاض الكيل بالأم ، وانفجرت باكية :
- قولتلك 100 مرة أنت مش زيهم ، مينفعش تلبس كوتش ، رجليك معوجة ، فاهم ولا لأ .. رجليك معوجة ؟!


أخرستنا جميعًا ..
أثنت كل من كان يريد تلطيف الأجواء ، أي كلمة كانت ستصير منطوق سخيف لا معنى له ..
حتى يوسف كتم بكاءه ، أخذ الصندل من أمه ، وكفّ عن المماطلة ..

يوسف لم تسعده قطعة الحلوى التي أعطيتها له .

السبت، 27 أغسطس 2011

!! أولئك البشر

من الطبيعي بعد ستة أيام من الإقامة في غرفة واحدة مع تسع فتيات(!) .. أن تؤثر العزلة لفترة..
أن تقبع في غرفتك تقرأ
أو تظل محملقًا في سقف الغرفة مستمتعًا بالصمت
أن تمقت البشر
------------------
هم يحبطونك
لا يدري الواحد منهم أن كلمة بسيطة لا تعني لهم شيئًا قد تفعل بك الأفاعيل
ربما ليس خطأهم وحدهم
أنت ايضًا تطلب الكثير
لكنك لا تلبث تمقتهم
-------------------
من الطبيعي عندما تفقد شخصين اعتبرتهما من أصدقائك المقربين
أن تمقت البشر
------------------
عندما يحطمون عظام يده
كي يمنعوه من حمل سلاحه
سلاحه ريشة و أوراق
لكنها تقض مضاجعهم و تفضح أفعالهم
عندها تمقت البشر
-------------------
عندما تخبرها أن وجوده بيننا يضايقك
و تقول هي في بساطة "امشي انتي"
عندها تمقتها .. تمقتهم
-------------------
حمل بندقيته
و ذهب ليطالب بحريّته
تسأله أمه في جزع
"متى ستتوقف عن القتال؟"
فيرد
"عندما أصل إلي باب العزيزية"
حقّا وصل
عندها تمقته .. هذا الذي أطلق رصاصته وهو مختبئ كالجرذان
تمقتهم
--------------------
عندما تجد أن شعورك يسري كتيار من طرف واحد
لا طرف آخر ليستقبله
عندها تمقته
تمقته
...
و بعد
ألا ترى معي أن البشر مقيتون ؟!!

الجمعة، 26 أغسطس 2011

هذيان


لأنها لا تدري ما علتها
ولأن الصمت الآن قد يعني الموت كمدًا ..
فلتكتب
فلتطلق سراح الهذيان

1
"هواء"
وأنا صغيرة .. أول ما ابتديت أتعلم الكتابة
كان عندي عادة غريبة
كنت بكتب بصباعي على الهوا
أحيانًا كلمة واحدة و أحيانًا جملة
كنت بشوف الكلام !
بس أول ما أغمض عيني مرة كان بيروح .. كأني بحبس الكلام جوه عيني
مش فاكرة بطلت أكتب على الهوا امتى
بس النهاردة كنت عايزة أكتب على الهوا
و بعدين أغمض عيني .. فتنمحي الكلمات


2
"دوران"

أراه يدور بلا انقطاع
يدور بلا دوار
و في دورانه أذوبُ
أدور أنا ايضًا
محملة بأثقال و ذنوب
أدور
تسقط بعض الأحمال
فأدور
مغمضة العينين .. لا أفكر بشيء
فقط أدور
أوزار أخرى تنزاح عن كاهلي
يخف وزني
ترتفع قدماي
فأدور بقوة أكبر
يسقط الحِمل الأخير
و في الأعلى أكون

3

رغبة دفينة :
نفسي آل باتشينو يرقص معايا تانجو زي ما رقص مع البنت في فيلم
Scent of a woman


4
-عزازيل ، ألا تنام ؟
- كيف أنام و أنت مستيقظ ؟

5
رغم كل التظاهر و محاولات التحضر و الابتسامات الصفراء
!أكرهكم بشدة
..أكرهكم كما لم أكره أحدًا من قبل
!!أكرهكم فأكره نفسي لأن بداخلها كل هذا الكره

6
كنا كل ما نروح لجدتي .. تفتح دولابها و تطلع منه شمعدان أحمر (اللي بيتاكل ده :D)
لدرجة إني كنت ابتديت أشك إن الشمعدان ده عندها هي بس !
و مكانتش تجيبلنا خالص من الشمعدان التاني أبو ورقة صفرا
دائمًا و أبدًا .. الشمعدان الأحمر
!!أنا عايزة شمعدان أحمر

7
!كذبة اليوم : رح نبقى سوا

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

تلابيب الكتابة


ما فائدة أن اكتب إن كنت لن تقرأني ؟"*
"هل من جدوى لصوت لن تسمعه أذن ؟

اقرأ مقولتها فأجزع .. حقًا ما جدوى الكتابة ؟
"! فأجد صوتًا بداخلي يهتف "اكتبي لنفسك

و ماذا لو كانت نفسي قد ضاقت عليّ .. و ظننت ألا مخرجًا منها إلا إليها -
اكتبي .. فلربما يجعل الله في كتابتك الشفاء -
وهل في الكتابة شفاء .. أم أنها تزيد الشقاء؟ -

أن اكتب يعني أن أحفر داخل عقلي .. أن ازيل طبقات قد تراكمت فوق روحي خلال شهور
ان اكتب يعني أن اغضب .. أن احزن .. أن اتألم
.و أنا لم أعد أريد أن أغضب .. سئمت الغضب


"الصمت يليق بي .. يليق بي لأن نافذتي ما زالت نصف مفتوحة"*

! فلتغضبي إذًا-
اغضبي الآن قبل أن تفقدي نفسك تمامًا .. قبل أن تفقدي القدرة على الغضب

احاول أن امسك بتلابيب الكتابة
..لكنها عليّ عصية

الكتابة جمال .. و الجمال صدق .. و الصدق حرية مطلقة .. نافذة على مصراعيها مفتوحة"*
عقل يجول بعنفوان و يعطي أوامره للتعبير عن فكرة ، فكرة تبسط عقيدة .. اختارها العقل و ادركها و اوصلها للوجدان وعيًا .. وللقلب نبضًا .. فصارت جيشانًا ، لابد له من تشكل في كلمات لا تخرج إلا و نافذة على مصراعيها مفتوحة
"فأين مني الجمال ؟ .. أين مني الكتابة و أنا واقفة بين المغلق و نصف المفتوح

في النهاية .. أحاول أن أجد بصيصًا .. أن افتح النافذة
سأكتب حتى تعييني الكتابة
!أو لعلها تشفيني



من كتاب"تلابيب الكتابة" لصافيناز كاظم *

testing...

الشكر كل الشكر .. لهذا الذي سمح لي أن اشاركه
علّه لا يندم لاحقًا :D




شكرًا محمود عزيز
:)