الجمعة، 10 يونيو 2011

مبتدأ أول

منذ أن دخلت عالم بلاطي السحري ، وأنا دائم التردد فى إنشاء موضوع خاص بي ، أسكب فيه هراءاتي ، وأطردها من ذهني ؛ لعلّي أتخلص من مؤلم المستمر في الروح .
الروح ، التي وإن لم تكن بهذا القدر من الشفافية والنقاء الذى تمنيته ، إلا أنها رقيقة هشّة بالقدر الذى لم أتمناه قط .
يشير إليّ بعض الأصدقاء بذلك ، ساقين عدة حوافز مثل : كى يراك الآخرون بشكل أعمق ، كى تحافظ عليها من الضياع ، وقد يشاركك الآخرون شطحاتك ..
ينتقل حماسهم إليّ أنا الآخر ، ثم أفيق لأرى أن كل ما يرونه محفزًا لي هو في واقع الأمر ينفرني أكثر . لمَ أثير غثيان عقلك ، وما الدافع وراء تلطيخ نقاء روحك ؟ ، وفي النهاية لن يقلل ذلك من شقائي الخاص شيئًا ..
تنطفئ جزوة الحماس الملفقة داخلي ..
يبقى فقط رمادها ، وصوت من الأعماق يأتي : اكتب !


احترم القراءة ، أحبها،وأقدّسها،وأمجّدها .
قرأت "عزازيل" ، وهي أفضل ما قرأت بالعربية ، تأثرت بها كثيرًا .. أعترف بذلك .
ولكن قبل أن تكون هناك عزازيل ، كان هناك دائمًا -ولا زال- ذلك الشيطان اللعين بداخلي ، يعيث فى النفس فسادًا .
ربما لديك أنت أيضًا شيطانك الخاص !
لا تنزعج .. لا أثير غضبك ، فقط إهدأ وفتّش بداخلك جيدًا .. ستجده لا محالة .
بمرور الوقت ، أكتشفُ أنني وشيطاني لسنا مختلفيْن إلى هذا الحد ، أجد أننا نكوّن معًا عملة واحدة ، وهل هناك عملة بوجه وحيد ؟!
احتمالٌ واردٌ وبقوة ، أن يكون اللعين فقط من نسج الخيال ، صنعته أنا - فقط - لأحمّله وزر ما أرتكبُ من خطايا ، ربما .
لكنه سواء كان حقيقيًا أو مصطنعًا ، فهو دائمًا موجود ، يصبّ الأفكار في ذهني ويفرّ ..
يتركني لأعاني وحدي تغلغاها ورحلتها المؤلمة من العقل إلى الروح ..
تؤرقني أيامًا ، ينحل جسدي وينقص وزني ، تصيبني الحمى ، أغيب عن الوعي أخيرًا ، وأفيق ، لأجده بجواري يقول : اكتب لتشفى !
أعترضُ ، أتمنّعُ ، أرفضُ ؛ فيكتب هو .


حسنًا ، دعني أخبرك شيئًا ..
في مرّة ،عندما أعدتُ قراءة ما سبق لم أفهم منه شيئًا ، ولم أدري إلى أي منتهى منطقي يقود ، لذا .. أرجوك لا تجاملني وتقول أنك فهمت شيئًا .
ولكن أتعلم ؟ إنها تلك العادة التي تلازمني أغلب الأحيان ..
عندما أريد قول شيئًا ما ، أرى أنه قد يكون صادمًا بعض الشئ ، أظل أدور حوله متفلسفًا بكلامٍ سفسطائي لا معنى له ، وأسوق تبريرات واهية لا تقنع أحدًا ، قبل أن أقولها صراحة :
" الكتابة فعل رجس من عمل الشيطان "


أكره الكتابة فعلاً ..
أقاطعها فترات طويلة ، وأتمنى أن نفترق إلى الأبد ..
أخفي الأوراق ، أكسر الأقلام ، أهجر قراءة الأخبار ، أشاهد أفلام الأطفال الكارتونية ..
ولكن أين أذهب بعقلي ؟!
تجثم الكلمات على صدري ، وتزدحم الطرق في رأسي ، وتختنق أنفاسي كمن يصّعّد في السماء ؛ فألفظ الأفكار أملاً في أن أتخلص منها وأستريح .

أخبرتك قبل قليل أن لديّ روح هشّة ضعيفة ، أخف النسائم تذروها وتحيلها هباءًا منثورًا ، فما بالك بأعتى الرياح ؟!
أكتب ، لأحافظ فقط على روحي لتبقى كما هى ، لتمكنّي من متابعة باقي حياتي في سلام ، إن كانت دروب تقويمها قد إنقطعت .

أمّا إذا كنت تفضل الرواية الأولى ، وأن الشيطان هو من يكتب ، فربما أصبح لديك الآن دليل مقنع على أن الشياطين ليست كلها أشرار.


14/2/2011

0 التعليقات:

إرسال تعليق