الاثنين، 11 يوليو 2011

مشهد 5

بعد معركة الغاز السابقة ، أخذني بعض الرفاق إلى شارع جانبي ، ومنه إلى مدخل أحد البيوت .
كانوا يلقنونني عدة تعليمات وأوامر لم أسمع منها شيئًا ، وبالتأكيد ، لم أنفّذ منها حرفًا .
عندما فتحت عيني ، رأيتها تأتي نحوي مهرولة ؛ سيدة في الخمسينات من عمرها ، لن تجد أفضل منها تستعين به ، إذا أردت وصف كلمة (الفقر) ..
جلست أمامي وبجوارها صندوق مياة غازية ، فتحت إحدى الزجاجات وبدأت تغسل بها وجهي ، ثم أخرجت من مكان ما بعباءتها منديلاً مبللاً بالخل ، مسحت به وجهي .
بدأت أستعيد حالتي الطبيعية ، نظرت لها ، كانت في لهفة حقيقية ، لا تكلُّف فيها ، فابتسمتُ لها ، وقلتُ مداعبًا : إنتى جيتي منين ؟
قالت : أنا بشتغل هنا ، الكشك اللى هناك دة بتاعي ، ببيع فيه حلويات وبيبس وسجاير ..
تنهدت،وقالت وهي تضحك : عارف يا بني .. ببيع البيبس دة من أكتر من 25 سنة ، وآخر مرة شربته كانت لما بنتي خلّفت ، ابنها دلوقتي في الإعدادية ،
مكنتش برضى أفتح ليا إزازة ، وأقول خليها أبيعها أكسب فيها أى حاجة أحسن ..
يقوم يجي اليوم اللي أغسل فيه وش الناس بالبيبس .
ضحكتُ أنا الآخر ، وقلبي بالداخل يبكي ، وقلتُ لها : بكرة هنشرب كلنا شربات يا أمي .
لمعت قطرات رقراقة بعينيها ، قبَّلت رأسي ، وقالت في حنوٍ بصوت لم يخلُ من شوْق وتوْق : ربنا يحميكوا يا ابني .
قبَّلتُ رأسها ، وذهبت ُ .

0 التعليقات:

إرسال تعليق